في زمنٍ يزداد فيه الحظر على اليمنيين يومًا بعد يوم، وتُضاف فيه سلسلة من التعقيدات المجحفة، حتى تحوّل حقّ التنقل إلى حلمٍ بعيد المنال..
وسط هذا الواقع الصعب، برزت مصر كملاذٍ إنساني دافئ، ونقطة التقاء للمتفرّقين – بلدٌ جمع شتات اليمنيين، وفتح لهم بابًا للقاء لم يعد متاحًا في كثير من بقاع الأرض.
في مصر، التقى المغترب بأسرته، والابن بوالدته، والزوج بزوجته.
فأصبحت القاهرة ليست مجرد وجهة، بل وطنًا مؤقتًا للتقريب بين من باعدت بينهم الظروف.
مصر… ليست محطة عبور، بل بيت دافئ.
في وقتٍ باتت فيه المطارات ممرات مغلقة، والحدود أبوابًا ثقيلة، احتضنت مصر اليمنيين دون أن تُثقلهم بالشروط أو تُحمّلهم عبء السؤال:
ليش جيت؟ ومتى راجع؟
هنا، لا تُطالب أن تغيّر نفسك كي تُقبل، ولا يُطلب منك أن تخلع لهجتك أو تُعدّل ملامحك.
بلد يتعامل معك كما أنت… بلهجتك، بثوبك، بلقمتك، بروحك.
تحوّلت مصر من بلد للزيارة إلى وطن بديل، ومكان دافئ للّقاء بعد طول فُرقة، خصوصًا للعائلات اليمنية الممزّقة بين الغربة والحصار والانتظار.
مصر… النسخة الأقرب لليمن
في شوارعها، تسمع “السلام عليكم” بصوت يشبه عمّك أو جارك.
ترى مطاعم يمنية يملأها دخان الطبخ اليمني برائحته الفريدة،
ويضحك الناس وكأنهم في سوق الزمر أو باب اليمن.
الحياة هنا تمشي على إيقاع مألوف:
لا تعقيد، لا بهرجة… فقط بساطة تشبهنا جميعا.
في المقاهي الشعبية بالفيصل، وفي زوايا أكتوبر والمعادي والمهندسين،
يخطفك شعور غريب.. وكأن هذا البلد وطن عربي مصغّر فيه جزء من كل شي،.
تحس فيها بروح كل بلد عربي.
كأنها تجمع في زواياها “يمن مصغّر”، و”سودان مصغّر”، و”سوريا مصغّرة”، وحتى لمسة لبنانية ناعمة.
الكل هنا يعيش جنب الكل…
تسمع اللهجات، وترى عيونًا تعرف الشوق والانتظار.
وهنا بالتحديد، وجد آلاف المغتربين اليمنيين حول العالم — من أوروبا، أمريكا، الخليج، وشرق آسيا —
أن مصر هي الأنسب، والأقرب، والأدفأ مكان للقاء عائلاتهم القادمة من اليمن.
لا فيزا معقدة، لا تذاكر طيران مرهقة، لا غربة خانق.
مجرد بلد يحتضن الطرفين، ويخلق لحظة لقاء تستحقها كل أسرة يمنية.
حين ضاقت الدنيا… مصر اتّسعت
بينما شدّدت دول كثيرة القيود،
وتحوّلت التأشيرات إلى متاهات،
بقيت مصر كما هي:
بسيطة، مريحة، دافئة… مليئة بالقبول.
ولهذا، لم تعد مصر مجرد مكان على الخريطة،
بل أصبحت:
نقطة لقاء، وفسحة حياة، وبلد يلمّ… لا يفرّق.
خلاصة القول:
إذا سألت أي يمني اليوم:
“ليش تحب مصر؟”
غالبًا سيبتسم ويقول:
لأنها البلد الوحيد اللي ما تحس فيها انك غريب!
ولعلها جملة تختصر في طياتها الكثير.
